بلا حدود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بلا حدود

عربي - ثقافي - ادبي - ابداعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عــبرة لحيــاتــك

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
رنين الكون
نغمة هادئه
نغمة هادئه



انثى
عدد الرسائل : 32
العمر : 43
المزاج : عادي
تاريخ التسجيل : 16/11/2007

عــبرة لحيــاتــك Empty
مُساهمةموضوع: عــبرة لحيــاتــك   عــبرة لحيــاتــك Icon_minitimeالسبت ديسمبر 08, 2007 6:22 am

السلام عليكم
و رحمة الله و بركاته و بعد
أقرأوها وتمعنوا
فيها...
‏أثابكم الله وقد ذكرها الشيخ خالد الراشد
كثيرا... :



‏لم أكن جاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي
أوّل
أبنائي.. ‏ما زلت أذكر تلك الليلة
. ‏بقيت إلى آخر الليل
مع الشّلة في إحدى الاستراحات.. ‏كانت سهرة
مليئة بالكلام الفارغ.. ‏بل بالغيبة والتعليقات
المحرمة... ‏كنت أنا الذي أتولى في الغالب
إضحاكهم.. ‏وغيبة الناس.. ‏وهم يضحكون.

‏أذكر ليلتها أنّي أضحكتهم
كثيراً.. ‏كنت
أمتلك موهبة عجيبة في التقليد.. ‏بإمكاني
تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص
الذي أسخر منه.. ‏أجل كنت أسخر من هذا وذاك..
‏لم يسلم أحد منّي أحد حتى أصحابي.. ‏صار بعض
الناس يتجنّبني كي يسلم من لساني.

‏أذكر أني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته
يتسوّل في السّوق... ‏والأدهى أنّي وضعت قدمي
أمامه فتعثّر وسقط يتلفت برأسه لا يدري ما
يقول.. ‏وانطلقت ضحكتي تدوي في السّوق..

‏عدت إلى بيتي متأخراً كالعادة.. ‏وجدت زوجتي
في انتظاري.. ‏كانت في حالة يرثى لها.. ‏قالت
بصوت متهدج: ‏راشد.. ‏أين كنتَ ؟

قلت ساخراً: ‏في المريخ.. ‏عند أصحابي بالطبع
.

‏كان الإعياء ظاهراً عليها.. ‏قالت والعبرة
تخنقها: ‏راشد… ‏أنا تعبة جداً
. ‏الظاهر أن موعد
ولادتي صار وشيكا .

‏سقطت دمعة صامته على خدها.. ‏أحسست أنّي
أهملت زوجتي.. ‏كان المفروض أن أهتم بها وأقلّل
من سهراتي.. ‏خاصة أنّها في شهرها التاسع


‏حملتها إلى المستشفى بسرعة.. ‏دخلت غرفة
الولادة.. ‏جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال..
‏كنت أنتظر ولادتها بفارغ الصبر.. ‏تعسرت
ولادتها.. ‏فانتظرت طويلاً حتى تعبت.. ‏فذهبت
إلى البيت وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني.

‏بعد ساعة.. ‏اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم
سالم ذهبت إلى المستشفى فوراً.. ‏أول ما رأوني
أسأل عن غرفتها.. ‏طلبوا منّي مراجعة الطبيبة
التي أشرفت على ولادة زوجتي.

‏صرختُ بهم: ‏أيُّ طبيبة ؟! ‏المهم أن أرى
ابني سالم.

‏قالوا، أولاً راجع الطبيبة
.

‏دخلت على
الطبيبة.. ‏كلمتني عن المصائب
. ‏والرضى بالأقدار
. ‏ثم قالت: ‏ولدك
به تشوه شديد في عينيه ويبدوا أنه فاقد البصر
!!

‏خفضت رأسي.. ‏وأنا أدافع عبراتي.. ‏تذكّرت
ذاك المتسوّل الأعمى الذي دفعته في السوق
وأضحكت عليه الناس.

‏سبحان الله كما تدين تدان
! ‏بقيت واجماً قليلاً..
‏لا أدري ماذا أقول.. ‏ثم تذكرت
زوجتي وولدي
. ‏فشكرت الطبيبة
على لطفها ومضيت لأرى زوجتي
.

‏لم تحزن زوجتي.. ‏كانت مؤمنة بقضاء الله..
‏راضية. ‏طالما نصحتني أن أكف عن الاستهزاء
بالناس.. ‏كانت تردد دائماً، لا تغتب الناس
.

‏خرجنا من المستشفى، وخرج سالم معنا. ‏في
الحقيقة، لم أكن أهتم به
كثيراً. ‏اعتبرته
غير موجود في المنزل. ‏حين يشتد بكاؤه أهرب
إلى الصالة لأنام فيها. ‏كانت زوجتي تهتم
به كثيراً، وتحبّه كثيراً. ‏أما أنا فلم أكن
أكرهه، لكني لم أستطع أن أحبّه
!

‏كبر سالم.. ‏بدأ يحبو.. ‏كانت حبوته غريبة..
‏قارب عمره السنة فبدأ يحاول المشي.. ‏فاكتشفنا
أنّه أعرج. ‏أصبح ثقيلاً على نفسي أكثر. ‏أنجبت
زوجتي بعده عمر وخالداً.

‏مرّت السنوات وكبر سالم، وكبر أخواه. ‏كنت
لا أحب الجلوس في البيت. ‏دائماً مع أصحابي.
‏في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم
.

‏لم تيأس زوجتي من إصلاحي. ‏كانت تدعو لي
دائماً بالهداية. ‏لم تغضب من تصرّفاتي الطائشة،
لكنها كانت تحزن كثيراً إذا رأت إهمالي لسالم
واهتمامي بباقي إخوته.

‏كبر سالم وكبُر معه همي. ‏لم أمانع حين طلبت
زوجتي تسجيله في أحدى المدارس الخاصة بالمعاقين.
‏لم أكن أحس بمرور السنوات. ‏أيّامي سواء
. ‏عمل ونوم وطعام
وسهر.

‏في يوم جمعة، استيقظت الساعة الحادية عشر
ظهراً. ‏ما يزال الوقت مبكراً بالنسبة لي.
‏كنت مدعواً إلى وليمة. ‏لبست وتعطّرت وهممت
بالخروج. ‏مررت بصالة المنزل فاستوقفني منظر
سالم. ‏كان يبكي بحرقة!

‏إنّها المرّة الأولى التي أنتبه
فيها إلى
سالم يبكي مذ كان طفلاً. ‏عشر سنوات مضت،
لم ألتفت إليه. ‏حاولت أن أتجاهله فلم أحتمل.
‏كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة.
‏التفت ...
‏ثم اقتربت منه. ‏قلت: ‏سالم! ‏لماذا تبكي؟!

‏حين سمع صوتي توقّف عن البكاء. ‏فلما شعر
بقربي، بدأ يتحسّس ما حوله بيديه الصغيرتين.
‏ما بِه يا ترى؟! ‏اكتشفت أنه يحاول الابتعاد
عني!! ‏وكأنه يقول: ‏الآن أحسست بي. ‏أين
أنت
منذ عشر سنوات ؟! ‏تبعته ..
‏كان قد دخل غرفته. ‏رفض أن يخبرني في البداية
سبب بكائه. ‏حاولت التلطف معه
. ‏بدأ سالم يبين
سبب بكائه، وأنا أستمع إليه وأنتفض.

‏أتدري ما السبب!! ‏تأخّر عليه أخوه
عمر،
الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد. ‏ولأنها
صلاة جمعة، خاف ألاّ يجد مكاناً في الصف الأوّل.
‏نادى عمر.. ‏ونادى والدته.. ‏ولكن لا مجيب..
‏فبكى.

‏أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين.
‏لم أستطع أن أتحمل بقية كلامه. ‏وضعت يدي
على فمه وقلت: ‏لذلك بكيت يا سالم
!!..

‏قال: ‏نعم .

‏نسيت أصحابي، ونسيت الوليمة وقلت: ‏سالم
لا تحزن. ‏هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد؟

قال: ‏أكيد عمر ..
‏لكنه يتأخر دائماً .

‏قلت: ‏لا .
‏بل أنا سأذهب بك .

‏دهش سالم .
‏لم يصدّق. ‏ظنّ أنّي أسخر منه. ‏استعبر ثم
بكى. ‏مسحت دموعه بيدي وأمسكت يده. ‏أردت
أن أوصله بالسيّارة. ‏رفض قائلاً: ‏المسجد
قريب... ‏أريد أن أخطو إلى المسجد
- ‏إي والله قال لي
ذلك.

‏لا أذكر متى كانت آخر مرّة دخلت فيها المسجد،
لكنها المرّة الأولى التي أشعر فيها بالخوف
والنّدم على ما فرّطته طوال السنوات الماضية.
‏كان المسجد مليئاً بالمصلّين، إلاّ أنّي
وجدت لسالم مكاناً في الصف الأوّل. ‏استمعنا
لخطبة الجمعة معاً وصلى بجانبي... ‏بل في الحقيقة
أنا صليت بجانبه .

‏بعد انتهاء الصلاة طلب منّي سالم مصحفاً.
‏استغربت!! ‏كيف سيقرأ وهو أعمى؟ كدت أن
أتجاهل
طلبه، لكني جاملته خوفاً من جرح مشاعره. ‏ناولته
المصحف ..
‏طلب منّي أن أفتح المصحف على سورة الكهف.
‏أخذت أقلب الصفحات تارة وأنظر في الفهرس
تارة .
‏حتى وجدتها.

‏أخذ مني المصحف ثم وضعه أمامه وبدأ في قراءة
السورة ..
‏وعيناه مغمضتان ..
‏يا الله !!
‏إنّه يحفظ سورة الكهف كاملة!!

‏خجلت من نفسي. ‏أمسكت مصحفاً
.. ‏أحسست برعشة في
أوصالي... ‏قرأت وقرأت.. ‏دعوت الله أن يغفر
لي ويهديني. ‏لم أستطع الاحتمال
.. ‏فبدأت أبكي كالأطفال.
‏كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة
.. ‏خجلت منهم فحاولت
أن أكتم بكائي. ‏تحول البكاء إلى نشيج وشهيق
..

‏لم أشعر إلا ّ بيد صغيرة تتلمس وجهي ثم تمسح
عنّي دموعي. ‏إنه سالم !!
‏ضممته إلى صدري... ‏نظرت إليه. ‏قلت في نفسي...
‏لست أنت الأعمى بل أنا الأعمى، حين انسقت
وراء فساق يجرونني إلى النار.

‏عدنا إلى المنزل. ‏كانت زوجتي قلقة كثيراً
على سالم، لكن قلقها تحوّل إلى دموع حين علمت
أنّي صلّيت الجمعة مع سالم
.

‏من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد.
‏هجرت رفقاء السوء .
‏وأصبحت لي رفقة خيّرة عرفتها في المسجد.
‏ذقت طعم الإيمان معهم. ‏عرفت منهم أشياء
ألهتني عنها الدنيا. ‏لم أفوّت حلقة ذكر أو
صلاة الوتر. ‏ختمت القرآن عدّة مرّات في شهر.
‏رطّبت لساني بالذكر لعلّ الله يغفر لي غيبتي
وسخريتي من النّاس. ‏أحسست أنّي أكثر قرباً
من أسرتي. ‏اختفت نظرات الخوف والشفقة التي
كانت تطل من عيون زوجتي. ‏الابتسامة ما عادت
تفارق وجه ابني سالم. ‏من يراه يظنّه ملك
الدنيا وما فيها. ‏حمدت الله كثيراً على نعمه.

‏ذات يوم ..
‏قرر أصحابي الصالحون أن يتوجّهوا إلى أحدى
المناطق البعيدة للدعوة. ‏تردّدت في الذهاب.
‏استخرت الله واستشرت زوجتي. ‏توقعت أنها
سترفض... ‏لكن حدث العكس !

‏فرحت كثيراً، بل شجّعتني. ‏فلقد كانت تراني
في السابق أسافر دون استشارتها فسقاً وفجوراً.

‏توجهت إلى سالم. ‏أخبرته أني مسافر فضمني
بذراعيه الصغيرين مودعاً...

‏تغيّبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف، كنت خلال
تلك الفترة أتصل كلّما سنحت لي الفرصة بزوجتي
وأحدّث أبنائي. ‏اشتقت إليهم كثيراً
.. ‏آآآه كم اشتقت
إلى سالم !!
‏تمنّيت سماع صوته... ‏هو الوحيد الذي
لم يحدّثني
منذ سافرت. ‏إمّا أن يكون في المدرسة أو المسجد
ساعة اتصالي بهم.

‏كلّما حدّثت زوجتي عن شوقي إليه، كانت تضحك
فرحاً وبشراً، إلاّ آخر مرّة
هاتفتها فيها.
‏لم أسمع ضحكتها المتوقّعة. ‏تغيّر صوتها
.

‏قلت لها: ‏أبلغي سلامي لسالم، فقالت: ‏إن
شاء الله ..
‏وسكتت...

‏أخيراً عدت إلى المنزل. ‏طرقت الباب. ‏تمنّيت
أن يفتح لي سالم، لكن فوجئت بابني خالد الذي
لم يتجاوز الرابعة من عمره. ‏حملته بين ذراعي
وهو يصرخ: ‏بابا .
‏بابا .
‏لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت.

‏استعذت بالله من الشيطان
الرجيم
.

‏أقبلت إليّ زوجتي ..
‏كان وجهها متغيراً. ‏كأنها تتصنع الفرح.

‏تأمّلتها جيداً ثم سألتها: ‏ما بكِ؟

قالت: ‏لا شيء

‏فجأة تذكّرت سالماً فقلت
. ‏أين سالم ؟

خفضت رأسها. ‏لم تجب. ‏سقطت دمعات حارة على
خديها...

‏صرخت بها ..
‏سالم! ‏أين سالم .‏؟

لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد يقول بلغته:
‏بابا ...
‏ثالم لاح الجنّة ..
‏عند الله...

‏لم تتحمل زوجتي الموقف. ‏أجهشت بالبكاء.
‏كادت أن تسقط على الأرض، فخرجت من الغرفة.

‏عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى قبل موعد
مجيئي بأسبوعين فأخذته زوجتي إلى المستشفى
. ‏فاشتدت عليه الحمى
ولم تفارقه ..
‏حين فارقت روحه جسده .

‏إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك
نفسك بما حملت فاهتف ...
‏يا الله

إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال،
وتقطعت الحبال، نادي ...
‏يا الله
لا اله الا الله رب السموات
السبع ورب العرش العظيم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فارس بلا جواد
المدير العام
المدير العام



ذكر
عدد الرسائل : 612
العمر : 54
المزاج : يعني
1 : رقم العضويه
تاريخ التسجيل : 20/07/2007

بطاقة الشخصية
مزاجي: لا مزاج
عــبرة لحيــاتــك Empty
مُساهمةموضوع: رد: عــبرة لحيــاتــك   عــبرة لحيــاتــك Icon_minitimeالسبت ديسمبر 08, 2007 6:43 am

لا اله الا الله وحده لا شريك له

شكرا لك قصه مؤثره و لا اخفي دمعتي

رائعه اختي الف شكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://bla-7dod.ahlamontada.com
ديكستر

ديكستر


ذكر
عدد الرسائل : 316
العمر : 28
المزاج : هادئ
تاريخ التسجيل : 21/07/2007

عــبرة لحيــاتــك Empty
مُساهمةموضوع: رد: عــبرة لحيــاتــك   عــبرة لحيــاتــك Icon_minitimeالخميس يناير 17, 2008 12:03 am

شكرا على الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قيصر الظلام

قيصر الظلام


ذكر
عدد الرسائل : 174
المزاج : رايق
مزاجي : عــبرة لحيــاتــك Fe5f0300ea
تاريخ التسجيل : 20/12/2007

بطاقة الشخصية
مزاجي: لا مزاج

عــبرة لحيــاتــك Empty
مُساهمةموضوع: رد: عــبرة لحيــاتــك   عــبرة لحيــاتــك Icon_minitimeالجمعة يناير 25, 2008 2:15 am

الف شكر على الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عــبرة لحيــاتــك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بلا حدود :: 
منتدى القصص الهادفه فقط
-
انتقل الى: